ولعل أكبر مثال على تأثير العطر القوي هو أسطورة كليوباترا التي - وحسب ما روي منذ القدم - نجحت في إغواء القائد الروماني مارك أنطونيو وإيقاعه في حبها، برائحة الياسمين التي كانت تضعها على جسدها. وهذا بحد ذاته يؤكد أن الشرقيين كانوا من أوائل الذين اعتنوا بدراسة وتحضير العطور.
وتلاهم بعد ذلك اليونانيون والرومانيون الذين تفننوا فيه حتى أصبح لكل جزء من أجزاء أجسامهم عطر خاص به. كما كان الإغريق يعطرون جثث موتاهم ويدفنونهم مع ممتلكاتهم الخاصة التي من بينها قارورة عطر.
وبالعودة إلى التاريخ، كان العرب مولعين بالعطور وكانوا يطوفون بقاع الأرض بحثا عن مصادرها. واعتبرت مصر أهم مركز لتصنيع وبيع العطور قديما، خصوصا أن معتقدات المصريين والفراعنة بضرورة المحافظة على الأشياء التي يحبونها، جعلتهم يستعملون كل مهاراتهم في هذا المجال.
وكان المصريون القدماء يحرقون مواد معطرة تتكون من أنواع النباتات المختلفة لتكون قرابين تقدم للآلهة.
واشتهرت تجارة العطور لدى العرب في القرنين التاسع والعاشر، إذ لم يكتفوا بمستخلص النباتات المعطرة بل طوروها مع الزمن وتفننوا بمجالات استخدامها في طقوسهم وشعائرهم واحتفالاتهم المتنوعة.
وبعد احتلال العرب للأندلس دخلت ثقافة العطر إلى أوروبا عبر إسبانيا من خلال تصدير أنواع مختلفة من الورود والنباتات المعطرة مثل العنبر، مما أجج اهتمام الأوروبيين بالعطور وباتوا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر يتفننون في تصنيعها، حتى أضحت صناعة كصناعة أي سلعة فاخرة، وفنا قائما بحد ذاته، يرتفع ثمنه بحسب خلاصاته ومكوناته. ويدخل المسك والعنبر في أغلى العطور التي منحتها الطبيعة للإنسان، ويعتمد العديد من صانعي العطور على هاتين المادتين ولا يبخلون عليهما بثمن عندما يريدون إنتاج عطر مميز.
والمثير أن مصدر حجر العنبر بقي مجهولا لزمن طويل، ولم يعرف أحد مصدر هذا الحجر الرمادي اللون ذي الرائحة الجميلة الذي يُعثر عليه في شواطئ جنوب المحيط الهادئ وأستراليا، إلى مطلع القرن التاسع عشر حين كشف النقاب عن هذا السر. كان ذلك عندما عثر صيادو الحيتان على العنبر في جوف أمعاء حوت البوت وهو من الحيتان الضخمة جدا التي تتغذى على أسماك التونا.
ويكون العنبر عادةً أساسا لكل خلطة عطر لدى صناع العطور المعروفين. والسبب في ذلك أنه وإلى جانب رائحته العطرية يعتبر مثبتا لروائح الزيوت العطرية التي تستخرج في أغلب الأحيان من الزهور ويبطئ من تبخر أثيرها.
المتعارف عليه حاليا أنه لا يمكن تطبيق قاعدة أن كل العطور تليق بكل المناسبات والأوقات والفصول، ذلك أن البرد يفرض عطره كما الحر تماما، وبالتالي لا يمكن استعمال عطر قوي في وقت تكون فيه الحاجة ماسة إلى نوع حيوي ومنعش والعكس بالعكس.
لهذا السبب، خصص لموسم شتاء 2011 تركيبات فريدة مليئة بالدفء والحميمية بروائح غنية ومتنوعة، أبرزها Thierry Mugler womanity المتميز بخلاصة الفواكه والعصائر والحليب و«Once Upon A Time» من Kenzo المصنوعة من مزيج زهرة الماغنوليا والفاوانيا بالإضافة إلى خشب الصندل والمسك والعنبر، وعادت شركة Guerlain هذا الموسم بتركيبة جديدة من Guerlain Idylle المبتكرة من الزهرة البلغارية والورد الدمشقي، بالإضافة إلى زهرتي الليلك والياسمين.
وكعادته، لا يمكن لـJohn Galliano أن يفوت موسم الشتاء دون أن يتحفنا بعطوره الرائعة، فعمد هذا العام إلى ابتكار Parlez Moi D’Amour المصنوعة من ليلك الزنجبيل والعنب البري والبرغموت مع خلطة الياسمين والباتشول، أما «كلوي» فأصدرت Love,Chloé المصنوعة من زهر البرتقال والفلفل الوردي والمسك.
هذا بالإضافة إلى عطور أخرى بخلاصات الفواكه الاستوائية والعنبر والمسك والأزهار، أو أريج العنبر والبتشول أو خشب الأرز والصندل مثل Amouage library collection opus ضعي عطرك بالطرق الصحيحة وكما لفصول السنة فروضها، كذلك لطرق وضع العطر.
وفي هذا الصدد يشير الخبراء دائما إلى أن هناك قواعد وأصولا يجب أخذها بعين الاعتبار لكي يدوم العطر لأطول فترة ممكنة:
- ضعي عطرك قبل ارتداء ملابسك لأن امتزاج الرائحة مع القماش من شأنه أن يغير رائحته.
- في حال كانت بشرتك دهنية ضعي العطر بكميات قليلة، لأن الزيوت الموجودة بالجلد تبقي الرائحة لمدة أطول أما إذا كانت بشرتك جافة فمن المعروف أن العطر يتبخر؛ لذا عليك دهن الفازلين على المنطقة التي سوف تضعين عليها العطر حتى تضمني الحفاظ على الرائحة لوقتٍ أطول.
- ضعي عطرك خلف الرقبة وعلى رسغيك وعلى أكف يديك، أي مناطق النبض.
أجمل الزهور في جزر القمر
من الجزر التي تشتهر بأجمل الزهور ذات العطور الفواحة، جزر القمر، التي اكتشفها البرتغاليون خلال بحثهم عن طريق التجارة إلى الهند وجزر الهند الشرقية. وتوصف جزيرة أنجوان بالجزيرة المعطرة بكثرة الزهور والنباتات العطرية فيها.
ويصدر معظمها إلى فرنسا لتستخلص منها أثمن أنواع العطور. وأشهر الزهور فيها يلانغ بلانغ التي تملأ الجزر وتمثل نسبة كبيرة من دخلها القومي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق